التنمية المستدامة
بورصة قطر والاستدامة
تعد مواضيع التغير المناخي والتلوث واستنفاد الموارد الطبيعية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان والتنوع البيولوجي والمساواة بين الجنسين والأعراق وحقوق المساهمين من أهم القضايا التي تواجهنا وتحظى بالاهتمام العالمي وذلك نظرا لأهميتها في حياة المجتمعات وديمومتها ومستقبلنا في هذا الكوكب.
في عام 2015، تبنت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة خطة التنمية المستدامة لعام 2030، والتي تضم سبعة عشر هدفًا تعرف بأهداف التنمية المستدامة. وقد عملت دول العالم على صياغة هذه الأهداف على مدار عقود من العمل المشترك بدءًا من قمة الأرض في ريو دي جانيرو في عام 1992. وتدعو أهداف التنمية المستدامة إلى اتخاذ إجراءات من أجل:
- القضاء على الفقر والجوع
- توفير معايير أفضل للتعليم والرعاية الصحية
- تحقيق المساواة بين الجنسين
- توفير نمو اقتصادي مستدام وتعزيز فرص العمل
- معالجة مشكلة التغير المناخي والتلوث وغيرها من العوامل البيئية الأخرى التي تؤثر على حياة الناس
- الحفاظ على صحة الحياة في البر والهواء والبحر
وتمثل رؤية قطر الوطنية 2030 بركائزها الأربعة استراتيجية شاملة لتحقيق تنمية مستدامة تهدف إلى تحويل قطر بحلول عام 2030 إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة مع الحفاظ على البيئة والاستمرار في و تأمين العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل.
وبشكل رئيسي، تتطلب التنمية المستدامة منح الاهتمام والعناية لتحقيق التعايش المتوازن والايجابي بين الجميع ومع الموارد الطبيعية في العالم، بهدف حماية العالم وموارده الطبيعية من التلف وسوء الاستخدام، مع التركيز على أهمية خلق توازن بين مصالح أجيال الحاضر والمستقبل.
وباعتبارها كيانًا اقتصاديًا مهمًا في بيئة أسواق رأس المال في دولة قطر، تلعب بورصة قطر دورًا حيويًا في تحقيق رؤية قطر الوطنية وتعزيز أجندة الاستدامة العالمية.
نظراً للاهتمام المتزايد في أوساط المستثمرين بالاستدامة وعلى اعتبار أن الشركات المدرجة في بورصة قطر تغطي شريحة واسعة من الاقتصاد القطري وعلى اعتبار أنها المفتاح لتحقيق مسؤوليات التنمية المستدامة، انضمت بورصة قطر لمبادرة الأمم المتحدة للبورصات المستدامة (SSE) في عام 2016 وذلك بهدف تعزيز الاستدامة باعتبارها مسؤولية وطنية وإنسانية.
وتعد مبادرة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة للبورصات بمثابة منصة هامة لاستكشاف السبل التي تساعد البورصات على العمل معا إلى جانب المستثمرين والجهات التنظيمية وصانعي السياسات والشركات على تعزيز الاستدامة في مجالات حماية البيئة وتحقيق العدالة الاجتماعية والحوكمة وتعزيز الاستثمار المسؤول.
ونظرًا لأن بورصة قطر نوفر منصة للشركات المدرجة للحصول على التمويل الذي تحتاجه وعلى اعتبار أن البورصة تمثل منصة للمستثمرين لتخصيص رأس المال، فلدينا دور فريد نلعبه في تمكين التمويل المستدام، وذلك من خلال توفير المشورة للشركات المدرجة بشأن أهمية الاستدامة وآلية تطبيق مبادئ الاستدامة البيئية والاجتماعية والمؤسسية بما يخدم مصالح هذه الشركات والمستثمرين والمجتمع بشكل عام. حيث يمكن لنا الاستفادة من الخبرات الدولية في هذا المجال بصفتنا موقعين على مبادرة البورصات المستدامة.
ويتمثل هدفنا الأسمى في أن تصبح مسائل الاستدامة البيئية والاجتماعية والمؤسسية -وتظل بشكل دائم- مسائل تأخذ بعين الاعتبار من قبل شركاتنا المدرجة ومستثمرينا على حد سواء. وفي هذا السياق، أصدرنا دليلا خاصا بشأن إعداد تقارير الاستدامة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في عام 2016 وذلك بهدف تشجيع الشركات القطرية المدرجة على إصدار تقارير حول معايير الاستدامة فيها.. وكذلك قامت بورصة قطر بإطلاق منصة على شبكة الإنترنت تتيح للشركات المدرجة فيها تسجيل التقدم الذي أحرزته في اعتماد تدابير الاستدامة بما يمكن المستثمرين من استعراض هذه المعلومات واستخدامها عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية. ويمكن الدخول على هذه المنصة من خلال النقر على منصة بورصة قطر للاستدامة
تشكل معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والمؤسسية التي تعرف اختصارا بـ ESG في اللغة الانجليزية العوامل المركزية الثلاثة التي تسمح للمستثمرين بقياس الاستدامة والأثر المجتمعي الذي يحققه الاستثمار في إحدى الشركات المدرجة.
وفي الماضي، كان الشاغل الرئيسي للمستثمرين يتمثل في ما إذا كانت الشركة التي استثمروا فيها قادرة على تزويدهم بمكاسب رأسمالية وأرباح دون أي اهتمام بمسائل الاستدامة أو المسؤولية المؤسسية. ولكن في الآونة الأخيرة، أصبحت معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والمؤسسية تشكل مواضيع متزايدة الأهمية للمستثمرين عند تقييم الشركات التي قد يرغبون في الاستثمار فيها.
إذن ما هي هذه المعايير ولماذا هي مهمة؟
توضح معايير الاستدامة البيئية دور الشركة وومارساتها ونشاطاتها وتأثير عملياتها فيما يتعلق بحماية البيئة، وتشمل هذه المعايير أمورا مثل استخدام الطاقة وحجم البصمة الكربونية للشركة وحجم ونوع النفايات وأي تلوث قد ينتج عن ذلك ودرجة استهلاكها واستنفاذها للموارد الطبيعية.
وتوضح معايير الاستدامة الاجتماعية كيفية تعامل الشركة مع الناس وخصوصا مع موظفيها، وكيف تتفاعل مع المجتمعات التي تخدمها، ويشمل ذلك الطريقة التي تتعامل بها الشركة مع مورديها، وهل تساهم في تنمية المجتمعات المحلية، وهل تُظهر ظروف عمل الشركة مراعاة لتنمية موظفيها وصحتهم وسلامتهم.
وتوضح معايير الاستدامة المؤسسية، من بين أشياء أخرى، كيفية إدارة الشركة، وما إذا كان هناك أي تضارب في المصالح بين أعضاء مجلس إدارتها ، وكيفية تعاملها مع مساهميها ، وقانونية وطبيعة عملياتها.
وتمت صياغة معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لمساعدة المستثمرين في العثور على شركات تطبق معايير الاستدامة التي يبحثون عنها ويؤمنون بها. وعلى الرغم من أنه من غير المحتمل أن تلبي شركة معينة جميع معايير الاستدامة، إلا إنه من المهم أن يتم تزويد المستثمرين بالمعلومات الكافية ليقرروا المعايير الأكثر أهمية بالنسبة لهم، وذلك لمساعدتهم في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية.
تعد معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والمؤسسية من عناصر الاستثمار المسؤول والأخلاقي والذي أصبح موضع تركيز ومطلبا أساسيا من قبل العديد من المستثمرين الأقراد والمؤسسات الذين اصبحوا يتجنبون الاستثمار في أسهم الشركات التي لا تحقق المعايير الأخلاقية مثل شركات الذخائر الحربية وشركات التبغ والكحول والقمار والشركات التي تستغل الموارد الطبيعية، لا سيما تلك العاملة في التعدين واستخراج الوقود الأحفوري. وقد أدى هذا التوجه إلى انخفاض عوائد هذه الشركات العاملة في تلك القطاعاتنظراً لأن المستثمرين قد احجموا عن الاستثمار فيها.
وعلى النقيض من ذلك، ازدادت الجاذبية الاستثمارية للشركات التي تحقق معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية وتبدي التزاما بتقليل التأثيرات الضارة على البيئة أو المجتمعات التي تعمل فيها، خصوصا وأن التحليلات تشير إلى أن الاستثمار في أسهم الشركات التي تحقق معايير الاستدامة يحقق الربحية بقدر الاستثمار في الأصول الأخرى إن لم يكن يتجاوزها، لا سيما في أوقات تقلبات السوق.
وفي العديد من البيئات التنظيمية، أصبحت البيانات غير المالية التي تتضمن مقاييس معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والمؤسسية مطلبًا إلزاميًا، خصوصا بعد أن أصبح المستثمرون المؤسسيون يقومون بتقييم الشركات بشكل روتيني بناءً على بيانات الاستدامة، حيث عادة ما يتم استبعاد الشركات ذات الدرجات المنخفضة من معايير الاستدامة، الأمر الذي يكون له تأثير إيجابي على الشركات التي حصلت على درجات عالية والتي يمكن إدراجها في أحد مؤشرات الاستدامة.
وعلى نفس المنوال، أصبح المستثمرون الأفراد المهتمون بالاستدامة محط اهتمام الشركات والمؤسسات المقدمة للخدمات والبيانات والذين أصبحوا يوفرون هذه البيانات لهم. كما أنهم قادرون على الاستثمار مباشرة في الصناديق المشتركة وصناديق الاستثمار المتداولة التي تتعقب مؤشرات الاستدامة.
وفي هذا الصدد، أطلقت بورصة قطر منصة إلكترونية تتيح للمستثمرين استعراض وتقييم أداء الشركات المدرجة في بورصة قطر، ويمكن الوصول إلى هذه المنصة من خلال النقر على الرابط التالي: منصة بورصة قطر للاستدامة
نظرا للاهتمام المتزايد الذي يبديه المستثمرون تجاه ما يعرف بالاستثمار المسؤول، أصبحت الشركات أكثر اهتماما بتطبيق معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والمؤسسية أكثر من أي وقت مضى وذلك انطلاقا من اهتمام هذه الشركات بعلامتها التجارية وتعزيز جاذبيتها الاستثمارية.
وفي العديد من الأطر التنظيمية الدولية، أصبحت التقارير غير المالية مطلبا الزاميا تفرضها القواعد التنظيمية. وعلى الرغم من أن هذا ليس هو الحال حاليًا في قطر ، إلا أنه سيتم ادخال قواعد تنظيمية جديدة في الوقت المناسب تلزم جميع الشركات المدرجة بتقديم تقارير الاستدامة وفقاً للمعايير التي ستعتمدها بورصة قطر.
ويجب أن تدرك الشركات أن هناك فوائد تتحقق عندما تتبنى استراتيجية استدامة فعالة. وتشتمل هذه المزايا على:
- تحسين الأداء: يوجد الآن العديد من الدراسات والأبحاث التي تفيد بأن الاستثمارات التي تطبق معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والمؤسسية تتفوق في الأداء، لا سيما خلال فترات تقلبات السوق.
- تحسين المؤشرات المالية: تشير الدلائل المستمدة من مؤسسة مورجان ستانلي MSCI ™ إلى أن الشركات التي حصلت على درجات عالية في ESG لديها تكلفة أقل لرأس المال وأرباح أقل تقلبًا من تلك التي حصلت على درجات منخفضة أو معدومة في ESG
- تحسين الجاذبية الاستثمارية: يميل المستثمرون إلى الاستثمار في الشركات التي حصلت على درجات عالية في تقييمات ESG.
- الاستعداد: الشركات التي تتبنى استراتيجيات الاستدامة في الوقت الحالي ستكون أكثر استعدادًا مقارنة بالشركات الأخرى في حال اعتماد الجهات التنظيمية لمتطلبات الزامية لإعداد تقارير الاستدامة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
تقوم هيئة قطر للأسواق المالية حاليًا بإعداد قواعد تنظيمية ستلزم جميع الشركات المدرجة بتقديم تقارير الاستدامة التي تشتمل على مقاييس خاصة بالاستدامة البيئية والاجتماعية والمؤسسية مرة واحدة على الأقل في كل عام.
وقد قامت بورصة قطر بنشر دليل إرشادي للشركات المدرجة حول الاستدامة وإعداد تقارير الاستدامة البيئية والاجتماعية والمؤسسية. ويمكن الاطلاع على هذا الدليل من خلال النقر على الرابط التالي: دليل حوكمة ESG للشركات المدرجة حيث ستواصل البورصة تحديث هذا الدليل بشكل متواصل وبما يتفق مع أفضل الممارسات الدولية.
وأطلقت بورصة قطر منصة تتيح لكل شركة التسجيل وتقييم أداءها فيما يتعلق بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية مقارنة بنظرائها من الشركات المدرجة. ويمكن الوصول إلى هذه المنصة من خلال النقر على الرابط التالي: منصة بورصة قطر للاستدامة
وليس هناك من شك في أن الاستثمار في تحقيق معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والمؤسسية سيستمر في النمو من حيث الأهمية وأن الجهات التنظيمية والمستثمرين سيطلبون المزيد من المعلومات من الشركات لإثبات التزامها بالتنمية المستدامة. ومن خلال تعزيز جودة وموثوقية تلك المعلومات، ستستفيد الشركات من تطوير تصنيف التزامها بمعايير الاستدامة مما يؤدي إلى إمكانية إدراجها في مؤشرات الاستدامة الدولية وبروزها عالميا، مما يساهم في زيادة جاذبيتها الاستثمارية وتحسين أدائها المالي وجذب المزيد من المستثمرين.
بالإضافة إلى الدعم الذي نقدمه لشركاتنا المدرجة والمستثمرين لدينا، فإننا في بورصة قطر ملتزمون أيضًا بضمان قيامنا بدورنا في التنمية المستدامة لدولة قطر، حيث نلتزم بتقليل أثرنا البيئي من خلال الاستخدام الرشيد للموارد البيئية، بالإضافة إلى اعتماد أفضل ممارسات حوكمة الشركات والمسؤولية الاجتماعية في كل ما نقوم به. وفيما يلي ملخص لبعض المبادرات التي تم تنفيذها مؤخرًا
الاستدامة البيئية
- الحد من استخدام العبوات البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة حيث نهدف إلى وقف استخدامها بحلول نهاية عام 2020
- تقليل استخدام الورق وإهداره من خلال أتمتة العمليات والمعاملات الالكترونية وخدمات الطباعة المركزية
- تقليل استهلاك الطاقة من خلال التحكم النشط وإغلاق الأجهزة
- التقليل من استخدام المياه
- إدارة النفايات وإعادة التدوير
الاستدامة الاجتماعية
- تعزيز التنوع الجندري في القوى العاملة - حاليا 20٪ من مديري الإدارات في البورصة هم من النساء
- المساواة في الرواتب والأجور للذكور والإناث
- الاستثمار في تطوير الموظفين وتدريبهم وتنمية مهاراتهم
- الانخراط بنشاط مع مجتمع المستثمرين المحليين من خلال عقد دورات وندوات بحضور فعلي أو عبر الإنترنت
- دعم المدارس والجامعات من خلال رعاية المسابقات البحثية وتوفير برامج رعاية الطلبة وتدريبهم في البورصة
الاستدامة المؤسسية (الحوكمة)
- الحفاظ على الفصل بين أدوار الرئيس التنفيذي وأدوار رئيس مجلس الإدارة
- الحفاظ على أن يكون أغلب تشكيل مجلس الإدارة من الأعضاء غير التنفيذيين الذين يمتلكون مهارات وخبرات متنوعة تخدم البورصة
- التأكد من أن جميع لجان مجلس الإدارة قد قامت بتحديد ونشر مواثيق عمل خاصة بها
- ضمان التوافق بنسبة 100٪ مع قواعد حوكمة الشركات التي تحددها الجهات التنظيمية